الاثنين، 23 نوفمبر 2015

صفحات خالدة

__صفحات خالدة__

أمير المؤمنين وقامع الفجار والكافرين, أسكيا الحاج محمد بن أبي بكر (1443-1538م) , فرج الله تعالى به عن المسلمين الكروب وأزال به عنهم البلاء والخطوب. واجتهد بإقامة ملة الإسلام وإصلاح أمور الأنام
بعد وفاة السلطان "سوني علي" تولي ولده "سوني بارو" الحكم والذي رفض تحكيم الشريعة ولم يقم شعائر الدين واراد نزع الهوية الاسلامية للبلاد
فثار عليه القائد محمد بن ابي بكر توريه السنغالي الأصل, وحاربه وتمكن من هزيمته واصبح سلطانا للمسلمين واميرا "للمؤمنين بعد دحره للمرتد "سوني بارو
في عهد أمير المؤمنين أسكيا الحاج محمد بن أبي بكر وصلت إمبراطورية صنغاي الاسلامية في مالي إلى قمة إزهارها وتقدمها ومجدها ورخائها واصبحت اعظم امبراطورية في افريقيا وامتدت نفوذها حتى بلغت المحيط غرباً والطوارق شمالاً، ومملكة الوثنية جنوباً، واشتهر عدله وقوته وتنظيم جيوشه ، واتخذت حركته مظهرًا إسلاميًّا واضحًا، إذ اعتنى بتطبيق الشريعة الإسلامية وقضى على مظاهر الفساد، وأنشأ المساجد
ولما ملكه الله جميع أرض شي وتمكن في السلطنة، عزم على الذهاب إلى بيت الله الحرام للحج وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وفي السنة الثانية من القرن العاشر مشى إلى الحج ومعه ألف وخمسمائة من الرجال، خمسمائة فرساناً، وألف رجلي .. وثلاثمائة ألف ذهباً
تصدق الأمير في الحرمين من ذلك المال بمائة ألف ذهباً، واشترى جناناً في المدينة المشرفة بمائة ألف وحبسها على أهل بلاده، وهي معروفة هنالك واشترى السلع وجميع ما يحتاج إليه بمائة ألف
ولقي في ذلك الأرض الشريف العباسي، فطلب منه أن يجعله خليفته في أرض صنغاي، فرضي له بذلك وأمره أن يسلم في أمرته التي هو فيها ثلاثة أيام ويأتيه في اليوم الرابع. ففعل، فنصبه الخليفة العباسي خليفة للسودان، وجعل على رأسه قلنسوة وعمامة من عنده، فكان واليا صحيحاً في الإسلام. 

ورجع بلاده في السنة الثالثة فأصلح الله تعالى ملكه ونصره نصراً عزيزاً وفتح له فتحاً مبيناً، فملك من أرض كنت إلى البحر المالح في المغرب وأحوازهما، ومن حد أرض بِندك إلى تغز وأحوازهما. فطوّع الجميع بالسيف والقهر
في السنة الرابعة من حكمه غزا غزوة نعسر، وهو سلطان منطقة اسمها موش. ومشى معه الشيخ المبارك مور صالح جور، فأمره أن يعلنها جهاداً في سبيل الله. فلم يخالفه في ذلك. وبيّن جميع أحكام الجهاد، فطلب أمير المؤمنين أسكيا الحاج محمد من الشيخ المذكور أن يكون مرسولاً بينه وبين سلطان موش. فقبل ووصل إليه في بلده وبلغه رسالة أسكيا في الدخول في الإسلام. فقال له حتى يشاور آبائه الذين في الآخرة، فمشى إلى بين صنمهم مع وزرائه، ومشى هو معهم لينظر كيف يشاور الأموات. فعملوا ما يعملون من عوائدهم في صدقاتهم، فظهر لهم شيخ كبير فلما رأوه سجدوا له، وأخبره الخبر. فتكلم لهم بلسانهم وقال: لا أقبل لكم ذلك أبداً، بل تقاتلونه حتى تفنوا عن آخركم أو يفنوا عن آخرهم. فقال نعسر للشيخ المبارك: ارجع إليه وقل له ما بيننا وبينه إلا الحرب والقتال. ثم قال لذلك الشخص الذي ظهر في صورة الشيخ بعد ما خرج الناس من ذلك البيت: سألتك بالله العظيم من أنت؟ فقال: أنا إبليس أغويهم لكي يموتوا على الكفر.
فرجع إلى الأمير أسكيا الحاج محمد وأخبره بجميع ما جرى. فقال عليك الآن بالقتال فيهم فقاتل الامير جيش عباد الشيطان وقتل رجالهم وخرب أرضهم وديارهم وسبا ذراريهم.
ويحكي انه في السنة الثامنة عشر من حكمه ادعي احد الاشخاص يدعي "تينض" النبوة فجمع امير المؤمنين جيش جرار وغزاه في أرضه وقتله وجعله عبرة لمن يعتبر .

وبلغت إمبراطورية صنغى فى عهده أقصى اتساع لها، حتى صارت أضخم من إمبراطورية مالى الإسلامية التى كان ملوك صنغى الأوائل قد ضموا معظم أراضيها إلى بلادهم وأكمل أسكيا محمد الأول مافعلوه، ولكن حكمه آذن بالزوال حينما أصيب بالعمى وانتابه المرض وتآمر عليه أولاده، وعزله أحدهم وتولى الحكم فى (1529م) وقد جرت سنة الله أن يبتلى عباده الصالحين
واستمر أسكيا محمد الأول سجين داره وبصره حتى تُوفِّى بعد ذلك بأعوام قليلة عن عمر يناهز الـ95 عاما بعد أن أسس إمبراطورية واسعة الأرجاء، ونشر الإسلام فى كثير من البلدان المحيطة به، وأقام الشرع
وقد قضي امير المؤمنين أسكيا الحاج محمد بن أبي بكر حياته بين العبادة والغزو ونشر الاسلام فرحمه الله عليه رحمة واسعة


المصادر
Encyclopedia Britannica
The Epic of Askia Mohammed
تاريخ السودان - عبد الرحمن بن عبد الله بن عمران بن عامر السعدي
#تاريخ_الإسلام_في_إفريقيا
إضغط هنا لرؤية التعليقات

0 التعليقات